{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17)}{والله أَنبَتَكُمْ مّنَ الارض نَبَاتًا} أي أنشأكم منها فاستعير الإنبات للإنشاء لكونه أدل على الحدوث والتكون من الأرض لكونه محسوسًا وقد تكرر إحساسه وهم وإن لم ينكروا الحدوث جعلوا بإنكار البعث كمن أنكره ففي الكلام استعارة مصرحة تبعية ومن ابتدائية داخلة على المبدأ البعيد ونباتًا قال أبو حيان وجماعة مصدر مؤكد لأنبتكم بحذف الزوائد والأصل إنباتًا أو نصب بإضمار فعل أي فنبتم نباتًا وفي الكشف أن الإنبات والنبات من الفعل والانفعال وهما واحد في الحقيقة والاختلاف بالنسبة إلى القيام بالفاعل والقابل فلا حاجة إلى تضمين فعل آخر ولا تقديره ثم إن الإنبات إن حمل على معناه الوضعي فلا احتياج إلى التقدير إذ هو في نفسه متضمن للنبات كما أشرنا إليه فيكون نباتًا نصبًا بأنبتكم لهذا التضمن وإن حمل على المتعارف من إطلاقه على مقدمة الإنبات من إخفاء الحب في الأرض مثلًا فالوجه الحمل على أن المراد أنبتكم فنبتم نباتًا ليكون فيه إشعار بنحو النكتة التي جرت في قوله تعالى: {فانبجست} من الدلالة على القدرة وسرعة نفاذ حكمها وجوز أن يكون الأصل أنبتكم من الأرض إنباتًا فنبتم نباتًا فحذف من الجملة الأولى المصدر ومن الثانية الفعل اكتفاء بما ذكر في الأخرى على أنه من الاحتباك وقال القاضي اختصر اكتفاءً بالدلالة الالتزامية وفيه على ما قال الخفاجي الأشعار المذكورة فتأمل.