سورة نوح - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (نوح)


        


{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17)}
{والله أَنبَتَكُمْ مّنَ الارض نَبَاتًا} أي أنشأكم منها فاستعير الإنبات للإنشاء لكونه أدل على الحدوث والتكون من الأرض لكونه محسوسًا وقد تكرر إحساسه وهم وإن لم ينكروا الحدوث جعلوا بإنكار البعث كمن أنكره ففي الكلام استعارة مصرحة تبعية ومن ابتدائية داخلة على المبدأ البعيد ونباتًا قال أبو حيان وجماعة مصدر مؤكد لأنبتكم بحذف الزوائد والأصل إنباتًا أو نصب بإضمار فعل أي فنبتم نباتًا وفي الكشف أن الإنبات والنبات من الفعل والانفعال وهما واحد في الحقيقة والاختلاف بالنسبة إلى القيام بالفاعل والقابل فلا حاجة إلى تضمين فعل آخر ولا تقديره ثم إن الإنبات إن حمل على معناه الوضعي فلا احتياج إلى التقدير إذ هو في نفسه متضمن للنبات كما أشرنا إليه فيكون نباتًا نصبًا بأنبتكم لهذا التضمن وإن حمل على المتعارف من إطلاقه على مقدمة الإنبات من إخفاء الحب في الأرض مثلًا فالوجه الحمل على أن المراد أنبتكم فنبتم نباتًا ليكون فيه إشعار بنحو النكتة التي جرت في قوله تعالى: {فانبجست} من الدلالة على القدرة وسرعة نفاذ حكمها وجوز أن يكون الأصل أنبتكم من الأرض إنباتًا فنبتم نباتًا فحذف من الجملة الأولى المصدر ومن الثانية الفعل اكتفاء بما ذكر في الأخرى على أنه من الاحتباك وقال القاضي اختصر اكتفاءً بالدلالة الالتزامية وفيه على ما قال الخفاجي الأشعار المذكورة فتأمل.


{ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)}
{ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا} أي في الأرض بالدفن عند موتكم {وَيُخْرِجُكُمْ} منها عند البعث والحشر {إِخْرَاجًا} محققًا لا ريب فيه وعطف يعيدكم بثم لما بين الإنشاء والإعادة من الزمان المتراخي الواقع فيه التكليف الذي به استحقوا الجزاء بعد الإعادة وعطف يخرجكم بالواو دون ثم مع أن الإخراج كذلك لأن أحوال البرزخ والآخرة في حكم شيء واحد فكأنه قضية واحدة ولا يجوز أن يكون بعضها محقق الوقوع دون بعض بل لابدان تقع الجملة لا محالة وإن تأخرت عن الإبداء.


{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19)}
{والله جَعَلَ لَكُمُ الارض بِسَاطًا} تتقلبون عليها كالبساط وليس فيه دلالة على أن الأرض مبسوطة غير كرية كما في البحر وغيره لأن الكرة العظيمة يرى كل من عليها ما يليه مسطحًا ثم إن اعتقاد الكرية أو عدمها ليس بأمر لازم في الشريعة لكن كريتها كالأمر اليقيني وإن لم تكن حقيقية ووجه توسيط لكم بين الجعل ومفعوله الصريح يعلم مما مر غير مرة.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9